Bookends: مقاومة العواصف وإنشاء المجتمعات

تُستخدم كلمة “شغف” بشكلٍ مبالغ فيه، أليس كذلك؟ يدعي كثير من الأشخاص أنهم شغوفون بعملهم، ولكن عندما تقابل شخصًا يبذل قصارى جهده في عمله، حينها فقط ستدرك بالفعل ما تعنيه هذه الكلمة من معنى. إن سيدة الأعمال والمعلمة والكاتبة والطالبة والأم، غريس كريم، ألهمها حبها للقراءة والتعلم لإطلاق "Bookends" مع صديقتها العزيزة سوميا أنور، من خلال شراء الكتب المستعملة وبيعها في كل أنحاء دولة الإمارات العربية المتحدة.

تقول غريس بابتسامة عريضة: "أبدأ نهاري على الطريق في تمام الساعة 6 صباحًا”. وتقول: "يستغرق توصيل أطفالي إلى المدرسة نحو ساعتين، ثم أتوجه إلى مكتبي". وتكرر الرحلة ذاتها في نهاية يوم العمل، لكنها لا تضيع أي وقت بل تستثمره في التعلم، والاستماع إلى عشرات المحاضرات ومقاطع البودكاست التي ترتبط بيومياتها الحافلة بالمهام. تدير غريس عددًا كبيرًا من المهام في آنٍ واحد، ولكن إدارة Bookends كانت حتى الآن الأكثر صعوبة في السنوات القليلة من إنشائها.

لقد بدأت هذه الفكرة لأن أطفال غريس وسوميا يعشقون قراءة الكتب تمامًا كأمهاتهم. وتقول: "الكتب في الإمارات العربية المتحدة باهظة الثمن!". "عندما كنا نتسوق، كان الأطفال يشترون كتابًا وينتهون من قراءته قبل أن نصل إلى المنزل. لذا، كنا نتبادل الكتب". وبما أن أسعار كتب الأطفال تتراوح ما بين 45 و60 درهمًا إماراتيًا (أي ما بين 11 و15 يورو تقريبًا)، فقد أدركت كل من غريس وسوميا عمق المشكلة التي قد يسببها هذا الأمر للوالدين. وتوصلتا إلى فكرة رائعة لتقديم المساعدة.

وعندما أطلق مركز لرعاية الأنشطة التجارية في مدينة الشارقة مسابقة لرواد الأعمال التقنية في مجال النشر، أدركت غريس أن فرصتها قد حانت لتحويل Bookends من مجرد فكرة إلى واقع ملموس. وأسهمت الجائزة الثالثة بقيمة 25000 درهم إماراتي في إطلاق متجرهما الإلكتروني في يناير 2020، إذ تم إطلاقه من غرفة في منزل غريس كانت تُستخدم أيضًا كغرفة ألعاب تقوم فيها بتدريس اللغات. وأردفت ضاحكة: "غرفة ذات مهام متعددة".

الفيروس الذي غيَّر وجه الحياة في العالم

كما هو معلوم، كانت 2020 سنة غير مسبوقة بأحداثها. وعندما فُرض الإغلاق على العالم، لجأ كثيرون إلى الراحة التي توفرها الكتب كوسيلة للهروب من الشاشات التي لا نهاية لها، ومن قلقهم. وتتذكر غريس قائلة: "كان الناس يأتون إلى منزلي لكي يعطوني الكتب، التي كنا نعرضها على الموقع الإلكتروني وننسب إليهم الفضل للحث على شراء المزيد". وتابعت قائلة: "كانت العملية بكل مراحلها تحدث في حديقتي، وقد قمنا حرفيًا بتعقيم كل كتاب على حدة قبل الشحن." ساعدت أسعار الكتب المستعملة في نمو Bookends بسرعة، وبعد فترة وجيزة، انتقلت غريس وسوميا إلى مساحة مخصصة. ودفعتهما دعوات العملاء المتكررة لفتح متجر فعلي إلى افتتاح متجرهما في عام 2023.

وبالطبع، لم تكن غريس لتصل إلى ما هي عليه اليوم لو لم تغتنم كل فرصة للتعلم والنمو، لذلك خلال هذا الوقت من النشاط المستمر، كانت تهتم أيضًا بالتدريس وتربية الأطفال والبحث عن أفكار ورؤى جديدة. وهكذا تعرفت على برنامج تمكين المرأة الذي تقدمه شركة Canon Middle East من خلال مجلس سيدات الأعمال في دبي. كانت غريس في بادئ الأمر تتطلع إلى المشاركة في صقل مهاراتها في إنشاء المحتوى ومعرفة المزيد حول كيفية استخدام التصوير الفوتوغرافي وتصوير الفيديو لسرد قصة Bookends، ولكن كما اتضح، اكتسبت أكثر من ذلك بكثير.

العثور على مجتمع وسط الأزمة

“أغرق الماء الكتب. جلستُ مع سوميا على السلم المتحرك نراقب الماء ولم نكن نعلم كيف سننجو من هذا الأمر". بعد عام واحد فقط من الافتتاح، غمرت المياه متجرهما المحبوب للكتب، ما أدى إلى تلف نحو 14000 كتاب وكل الديكورات الجميلة التي صممتاها بكل حب. تقول غريس بتنهد: ”لقد ذهب كل شيء في لمح البصر”. وتجمعت حشرات البعوض بينما نضخ المياه خارج المتجر، ولكن سرعان ما استُبدل اليأس بالحلول البناءة عندما نشرتا معلومات عن الكارثة على وسائل التواصل الاجتماعي. “وبعد ذلك، زادت أعداد الناس الذين هبوا لمساعدتنا. كيف يمكننا المساعدة؟ نريد مساعدتكما!” هب الأصدقاء والعائلة ومجتمع Canon الجديد الخاص بهما، بمن في ذلك الأطفال، لإنقاذ المتجر من الفيضان. “كان عدد المتطوعين كبيرًا جدًا! عائلات بأكملها وأطفالهم هبوا للمساعدة، وكان كثير منهم لديهم أجهزة كمبيوتر محمولة لتسجيل مخزوننا، حتى نتمكن من تحديث الموقع الإلكتروني.”

من المثير للدهشة أن الأمر لم يستغرق سوى أسبوعين حتى يعود موقع Bookends للعمل عبر الإنترنت، وذلك بفضل الدعم الرائع الذي قدمه مجتمعهما الجديد. وبالرغم من أن غريس اضطرت إلى أخذ استراحة مؤقتة من برنامج تمكين المرأة للتعامل مع الأزمة، فقد قدمت إليها معلمتها جلسات فردية لضمان استفادتها بشكلٍ كامل من البرنامج. وفي يوم التخرج، تفاجأت بهدية عبارة عن طابعة PIXMA G3430 من Canon. ولم تكن الطابعة مجرد تقدير وهدية مؤثرة تحتفي بإنجازات غريس وسوميا فحسب، بل سمحت لهما أيضًا بتوسيع نطاق عروض منتجاتهما لتشمل الإشارات المرجعية وإنشاء اتصالات مخصصة مع العملاء. تقول غريس: "تسهّل الطابعة عملية إنشاء مثل هذه المنتجات. وفي كل مرة أنظر إليها، أقول شكرًا جزيلاً".

“فيد واحدة لا تصفق”

يستغرق بناء مجتمعهما وشراكاتهما والحفاظ على ذلك وقتًا وجهدًا، وهذا يشكل عناصر أساسية لنجاح الأعمال المبنية على الشغف. على سبيل المثال، توفر Bookends زاوية من الكتب في عدد من الفنادق والمقاهي والشركات، بما في ذلك مكتب Canon في مدينة دبي التي تديران فيها مكتبة صغيرة للموظفين. وتساعدان أيضًا عددًا من الجمعيات الخيرية المحلية في تحقيق الدخل من التبرعات من خلال متجر Bookends.

ويستمر نمو الأعمال التجارية على الرغم من الوباء والفيضانات من دون وجود دلائل على التباطؤ. ولا شك في أن كثيرًا من الناس يشبهون غريس التي قررت أن تبدأ دراستها للحصول على شهادة الدكتوراه في عام 2025. وفي هذه المرحلة، نطرح سؤالاً على أنفسنا بجدية لمعرفة ما إذا كان للنوم مكان في حياة غريس. وتقول ضاحكة: ”إذا كان الشغف موجودًا، فستجد الوقت لكل شيء”. ولا شك في أن غريس وسوميا شغوفتان إلى أقصى الحدود.

اكتشف المزيد عن برنامج تمكين المرأة الذي تقدمه Canon Middle East.