العدّ الذكي للحشود: سريع ودقيق ومفيد

4 دقائق
عدد كبير من الأشخاص يمشون عبر ممر المشاة يُنظر إليهم من أعلى.

انظر إلى الحشد أعلاه. ما عدد الأشخاص الذين ظهروا في الصورة؟ وما المدة التي قد تستغرقها في عدهم من وجهة نظرك؟ وإذا كان هذا مجرد جزء صغير من حشد أكبر، فما العملية الحسابية المستخدمة لتقدير عدد الأشخاص الذين كانوا هناك إجمالاً؟ إنه أمر صعب، أليس كذلك؟ لذا، تعرَّفت الآن على الطريقة التي كان يتم بها عدّ الحشود في السابق – وهي طريقة شاقة يقوم بها البشر، ونتيجة لذلك كانت تفتقر إلى الدقة إلى حد ما. لكن الأمور اليوم مختلفة إلى حد كبير.

عدّ الحشود أمر مهم. ونريد جميعًا أن نتمكن من عيش حياتنا اليومية بطريقة آمنة ومريحة، كما أن معرفة عدد الأشخاص الموجودين في مكان معين في أي وقت قد يكون ضروريًا في بعض الأحيان لتحقيق ذلك. ويحتاج الأشخاص المسؤولون عن المساحات والأماكن إلى إدارة حركة أعداد كبيرة من الأشخاص، فضلاً عن تخطيط الموارد اللازمة لرعايتهم. وعلى هذا، فحيثما توجد حشود هائلة، مثل الحفلات الموسيقية والأحداث الرياضية والمهرجانات، يكون عدّ الحشود أمرًا أساسيًا. كما أنه مهم للغاية أيضًا في الأماكن العامة، مثل المطارات ومحطات القطار ومراكز التسوق. وكما قد تتخيل، هذه هي الأماكن التي لا يكون فيها العدّ اليدوي مثاليًا.

ففي عام 2016، أطلقت Canon برنامجًا يُسمى People Counter، يستخدم تقنية تحليل محتوى الفيديو لحساب عدد الأشخاص الموجودين في الصور الملتقطة بواسطة كاميرات الشبكة. وفي وقت لاحق في عام 2019، أعقب ذلك إصدار مُحدَّث (يُسمى Crowd People Counter) تمكن من عدّ آلاف الأشخاص في ثوانٍ، وذلك بفضل التطورات في مجال الذكاء الاصطناعي. وأظهر إثبات المفهوم في مباراة دولية للرجبي عام 2018 أنه يستطيع عدّ 6000 شخص تقريبًا في ثوانٍ معدودة بهامش خطأ أقل من 5% مقارنةً بالعد اليدوي.

حشد من الأشخاص يُنظر إليهم من الخلف.

عندما تتزاحم الأجسام، قد يكون من الصعب تمييز فرد عن آخر. وللتغلب على ذلك، تم تدريب خوارزمية التعلم العميق في برنامج Crowd People Counter على اكتشاف الرؤوس فقط.

قد تظن أن "العد" سيكون أمرًا بسيطًا ومباشرًا إلى حد ما ويمكن أن يحققه أي برنامج، لكن الأمر ينطوي على تعقيدات. فعلى سبيل المثال، يكمن أحد أكبر التحديات في حال "تزاحم" الأشخاص أو وقوفهم أمام بعضهم أو اقترابهم من بعضهم. وقد يصبح من الصعب على أي برنامج تمييز فرد عن آخر. ولحل هذه المشكلة، يستخدم برنامج Crowd People Counter الذكاء الاصطناعي لاكتشاف عدد الرؤوس فقط وتحديدها وليس الأوجه أو الأجسام في أي حشد، وهذا أكثر دقة. وبطبيعة الحال، هذا يعني أن خوارزمية Crowd People Counter كانت بحاجة إلى التعرف على شكل رأس الإنسان في كل مواقف الحشد الممكنة وفي كل زاوية قد تعرضها كاميرا الشبكة. ولتحقيق ذلك، تمت "تغذية" الخوارزمية بكمية كبيرة من الصور النموذجية، مع وضع علامات على الرؤوس، ثم راقب المطورون ذلك لمعرفة ما إذا كانت دقة الخوارزمية قد زادت أم لا بخصوص اكتشافها. يبدو الأمر بسيطًا، أليس كذلك؟ ولا يكون الأمر كذلك عندما تكتشف أن هذه العملية تنطوي على تزويد الخوارزمية بمئات الآلاف من مشاهد الحشود الثلاثية الأبعاد التي تم إنشاؤها بواسطة الكمبيوتر – وهو رقم يكاد يكون من المستحيل الحصول عليه بطريقة أخرى.

وبطبيعة الحال، كانت هذه العملية عبارة عن منحنى تعليمي بمرور الوقت حيث تطلب الأمر تقدم كل من الأجهزة والبرامج، وقد تطورت تكنولوجيا التصوير وحدها تطورًا كبيرًا في سبع سنوات فقط. ومع ذلك، فإن التقدم الهائل في مجال الذكاء الاصطناعي يعني أن تقنية العدّ الجماعي قد اتخذت مسار التعلم العميق في وقت مبكر. ويحاكي التعلم العميق، وهو مجموعة فرعية من الذكاء الاصطناعي، الدماغ البشري لحل المشكلات المعقدة من خلال التعرف على أنماط البيانات – بالطريقة نفسها التي نتبعها نحن البشر عندما نرى العالم من حولنا. ولزيادة دقة برنامج Crowd People Counter، قام الفريق بتطوير نموذج تعلم عميق خفيف لا يتطلب قوة معالجة كبيرة للغاية مثل بعض النماذج، وهذا يجعله أكثر كفاءة في التشغيل.

يكمن أحد أكبر التحديات في حال "تزاحم" الأشخاص… ولحل هذه المشكلة، يستخدم برنامج Crowd People Counter الذكاء الاصطناعي لاكتشاف عدد الرؤوس فقط وتحديدها وليس الأوجه أو الأجسام في أي حشد".

ومع ذلك، فإن أحد الأمور الأساسية التي تجعل برنامج Crowd People Counter مختلفًا هو الطريقة التي تمكن بها فريق التطوير الذي يدعم البرنامج من التغلب على التحديات. فقد كان لديهم فرق تطوير كاميرات يمكن التحدث إليهم بسهولة، وهذا ساعدهم في مواجهة مشكلات تشويش الصورة في ظل الإضاءة المنخفضة، على سبيل المثال. ونتيجة لهذا النوع من التعاون المثمر، يحقق البرنامج الآن درجة عالية من الدقة. وبالمثل، أتاح العمل عبر شركات مجموعة Canon، مع Axis وMilestone، للجميع طريقة لتحقيق بعض الإمكانات المتبادلة القيّمة، مثل تحليل الاتجاهات في الوقت الحقيقي ودقة الصور منخفضة التشوه وعالية الميجابكسل. ونتيجة لذلك، يُستخدم برنامج Crowd People Counter في مجموعة متنوعة من المجالات، لأغراض مختلفة كثيرة.

وهذا يقودنا بدقة إلى التساؤل عن "السبب" حيث إنه من الواضح أن عدّ الحشود يمكن أن يحافظ على سلامتنا. ويمكن أن يمنع تحول الازدحام إلى حالات مميتة، وذلك ببساطة عن طريق تنبيه أفراد الأمن إلى احتمال حدوث ازدحام خطير. ويمكن أن يضمن تقييم الوصول إلى الأماكن أو يساعدنا في معرفة الحد الأقصى لعدد الأشخاص الذين يمكنهم زيارة مكان ما بأمان. وهناك أيضًا بعض الطرق اليومية الأكثر هدوءًا التي يمكن أن يعمل من خلالها عدّ الحشود على تحسين الأمور قليلاً. ويمكن أن يُظهر لنا اتجاهات مفيدة، مثل عدد الأشخاص المتوقع زيارتهم لمطعم ما. ويمكن أن يساعد ذلك الشركات في تحديد كمية الطعام التي يجب إعدادها في أي يوم معين لتقليل الهدر بشكل كبير. كما يمكن استخدامه أيضًا بواسطة مخططي المدن لفهم كيفية استخدام المساحات والأماكن، ثم تطبيق هذه المعرفة لتشجيع خيارات نقل أكثر صداقة للبيئة. في الفترة التي سبقت هذه التقنية، كانت هذه المهمة تستغرق وقتًا طويلاً ومن المحتمل أنها كانت معقدة، لكن في الوقت الحالي ليست هناك حاجة إلى استخدام العينين والآلة الحاسبة. إلا إذا كنت تريد ذلك بالطبع.

اكتشف المزيد عن Crowd People Counter من Canon.

ذات صلة